الفصل السابع:

في أثناء ضجة الأطفال بعودة هجرس ابتعدت أماثيست عن بيلور لتستقبل ذاك الفتى الذي رُسِمَ عند الثلاثة صورة مبهمة ذات ملامح مورقة معظمة عنهُ، تقدمت إماثيست في ثلة الأطفال ذوي العيون المتطلعة لذلك النجم البهي الأخاذ، فقالت أماثيست بصوت عالي:

-مرحبا بعودتك!

فسألت وهي تحك فروة شعرها:

-أأنهيت تفقد حي ويلس؟

فصمت الجمع حتى أختفى الهمس مترقبين جوابه فصدح جواب بصوت هادئ بارد يبث في النفس البرد من شدة ترسله بالكلمات:

-نعم، لم يكن بالشيء الذي يذكر.

بان هجرس لبيلور ولإلي ولمساعدتها ذلك الفتى النحيل الأبيض كالثلج والشعر المجعد قليلا والأملس بالوقت نفسه الذي قد نسى لونه والعينين الزهريتين والشفتين اللمتين، فخاطب بيرلوف عند شيء ما وتفقد حال روسلن وتحدث معه كيف أصبح صدره وعندها لمح هجرس الضيوف فأدار وجهه وراح يتفقد الحراس بلا مبالاة لهم، بينما لم يكترث بيلور تهامست الفتاتان فيما بينهما فقالت ديما بمزح:

-أوه، انظروا لكيوبد الحب يحوم حول عش جديد!

فضحكت إليكيا بلطف، وردت:

-أوحقا؟ ليس مهم فليس من نوعي الفتيان الباردين.

ابتسمت ديما فأمالت رأسها وهي تقرص شفتها الزهرية الممتلئة برقة:

-حسنا سأأخذه إذا.

شعرت ديما بغصة بإليكيا إثر جوابها، ومن بعيد تنهدت أماثيست كونها تعرف ماذا يحصل لكل فتاة قد سلبها هجرس قلبها برغم أن ليست كل من أحبته قد فعلت حقا فمن الأرامل والوحيدات حاولن التقرب فقط خوفا على نفسهن من الوحوش لذا من غير الغريب رفضه لكل فتاة تصارحه بمشاعرها.

بعد بضع ساعات، ذهبت أماثيست لهجرس لتحدثه عن أمر ما يجول في خاطرها…

-آه أأخبرك ضيفنا الصغير؟

- لا لكن، بمَ يخبرني؟

رد هجرس.

-

تنهد

لا أدري حقا سواء سيهمك أو لا لكن، "بيلور" الصغير ذاك يمتلك مهارة أظنها عندك كذلك…

حول هجرس نظره تجاهها إثر ما قالت فأكملت:

- همممم، مهارتك المميزة حسبما أذكر "عفريت آكل العواطف" يحملها ذاك الصبي أيضا…

قاطعها إنفجار ضحكات هجرس الصاخبة فكانت السخرية واضحة وضوح الشمس، فلا يظن هذا الشاب أنه من الممكن أن يوجد أحد أخر غيره سيحملها فعلى الأقل من اسمها "مميزة" فكيف بها إذ وجدت عند غيره؟ توقف عن الضحك ونظر نحوها بحزم ثاقب يدب بالأبدان رعاشا، فقال:

-مزحة حلوة منك أيتها السكرة لكن، أحسبك متعبة قليلا من الحراسة.

نفخت أماثيست خدودها قليلا بغضب، وقالت:

-آه، أوتحسب كوني فتاة سـ… لا تبا لك تشتتني!

خرجت من فمه ضحكات هاربات فاترة فتور العطر الرخيص على الثياب بعد بضع ساعات، غطى وجهه بباطن كفه فخفض يده وبوجهه الذي كانت الإبتسامة تشقه كفجرٍ بين جبلين، فقال:

-أمزح معك ولكن، ليس من المعقول حقا أن يحملها.

ابتسمت أماثيست فتنهدت وقالت:

-لا أطلب منك تصديقي لكنك سترى حين تراه.

-لا أحتاج حقا فلست مهتم فالنظام هذا ليس ملك أبي لأهتم بمن يحصل على ماذا ولكني مستغرب كيف لمهارة مميزة توجد عند شخصين.

رد هجرس.

-لا تكن سطحي منذ متى عنت كلمة مميز شيء بعالم الألعاب؟ فقط لجعل اللاعبين يتحمسون لإقتنائها.

حك قفا رأسه فقال:

-أتفق بصراحة لكن، الآن سأذهب لدي عمل أقوم به.

نظر بيلور لصدر روسلن والحيرة تملأ رأسه فقال:

-حقا سعيد لأنك شُفِيت لكن هممم كيف ليس هناك حتى خدش مكان السهم؟

ضحك بروسلن فأشار بسبابته نحو فتاة كانت تتحدث مع بعض الحراس والنساء:

-الفضل لها.

أدار بيلور وجهه لحيث يشير فرأى فتاة بحجم ديما تقريبا ذات شعر أخضر قصير وعنق رفيعة بيضاء وكتفين مشدودين وذراعين متوسطتين الطول نحيفتين ذات عروق بارزة وخصر صغير وتنورة قصيرة إلى الركب وساقين رشيقين فحين درات أبانت ضحكة لطيفة أشعرت بيلور على الرغْم من بعده بدفئ سرع نبضات قلبه، فقاطع روسلن ذلك السرحان فقال:

-لديها مهارات مفيدة جدا "رحمة الشيطان".

أنصدم بيلور من الاسم فضحك روسلن بسبب رده الفعل المشابهة فقال مبتسم:

-أي، نفس ردة فعلي آن عرفت اسم هكذا مهارة رحيمة لكن مثل كل شيء بهذه الحياة لا خِدْمَات بلا ثمن ثقيل، تلك الملاكة التي تضحك مع الجميع وتعالج كل مصاب يأتيها تدفع ثمن من تعالجه ثلاثة أضعاف.

-ماذا؟ كيف؟

سأل بيلور بينما راسه يفيض في حيرةٍ.

-حين تعالج أي أصابةِ ستتلقى ثلاث أضعاف الآلم الذي حس به المصاب خلال حلمها ليست قاتلة لكنها على المدى البعيد ستدمر مستخدمها نفسيا، آه برب رحمة للمصاب وعذاب للمستخدم.

وأكمل روسلن:

-رغم ذلك رضت بأن تتحمل وتحمل ألم الجميع وتراها على الدوام مبتسمة.

لمعتا عينا بيلور إعجابا بها فهم لها ليكلمها،

-آآآه يا أختاه..

مع أنّها كانت منشغلة بكل الذين حولها إلا إنها أدارت وجهها نحو ذلك الصوت اللطيف فنظرت لوجهه مبتسمة وقالت:

-كيف يمكن لهذه الفتاة مساعدة هذا الصبي القوي؟

بالرغم من بساطة ردها إلا إنها أشعرت بيلور بالود ودفئ الأمومة المتواضعة بتقديمها والكبيرة بحجمها، فقال:

-ما الذي يجري؟ لمَ كلهم هكذا حولك؟

فردت مع خيبة تشوب صوتها الناعم:

-ما أقولُ لكَ لكن هناك بعض المرضى من لم تنفع مهارتي معهم ولو بتخفيف أعراض مرضهم حتى معرفتي البسيطة بالطبابة لما تجدي للآن…

في الليل…

2022/02/28 · 20 مشاهدة · 748 كلمة
Asano
نادي الروايات - 2024