0 - بِدَايَةُ الشَّارِعِ.

____

ادلُهمامٌ..

ظلامٌ غلّف الرّوحَ والجَسد،

جُثةٌ وسطَ الجرائِم تتلظّىٰ، بالحميمِ تستَعر.

شروخٌ وندُوبٌ، لا يُمكنُ أن تُرىٰ،

بَل ولَن تُرىٰ يوماً..

تحمِلها الأرضُ الصُّلبة، تحملُها كالأمِّ تواسِي أولَادها،

تواسيْ حياةَ البَشر.

هذهِ الأرضُ..

هَذا الطّريقُ... سَيتصدَّعُ يَوماً،

مِن الأسىٰ يَتصدَّع!

مِن طولِ نحيبِ العُشّاق، مِن طولِ الغِيابِ، مِن طُولِ الرّحيلِ، مِن طُولِ الإشتيَاق..

مِن خُطواتٍ سَرتْ لرَجلٍ حرّمَ عليهِ الأنِين، لُعنَ مِن ساحِرةِ العَيشِ الغَجريّة،

لعنَةً لَن تَزولَ،

مِدادُها الدُّنيا كُلّها.

كأنَّ الحياةَ خُلِقتْ لِتُرضيْ المَرضىٰ،

لِتُرضي الجَشعَ والطَّمع، لِتُرضيْ البُخلَ والهَلع،

خُلقتْ لِتسمُو بالشَّياطينِ البَشريّة،

لِيقودُوا الدِّستُور،

ليكُونَ مُطلَقاً.

مُطلَقاً لِدرجةِ أن يَسلبَ الحُب،

ليَنتزِعَ الإنسانيّة كأنّها لَم تَكُن فِي قاموسِ الحَياة.

وَيُمزّقَ لهُ قَلبَ من يُحب..

ولِذلكَ، فعلَىٰ الطّريقِ لِيرحَل، لِيستَرسلَ فيْ السّيرِ، وِليستَعجل خَطفَ أنفاسِه جَميعاً،

لِيفعلْ وَبسُرعة، لِيعصِمَ نفسهُ وَليطهّرَ قَلبهُ،

لِيستَعجِل فِي حَياتِه، كَي لَا تَسبِقه وَهوَ خامِدٌ،

فالغَفلةُ أشدُّ مِن المَوتِ اِن جاءَ يبحَثُّ عَنّهُ..

هِي أشدُّ قسَوة، هيَ أشدُّ رُعباً.

لِذا يَا أيُّها الرَّجُل..

غَلّف نَفسكَ بِغشاءٍ شَفّافٍ،

دَعهُ يَحمِيكَ، مِنَ الجنّةِ والنّار.

لِيحمِكَ مِنها..

وَمِن ذَاتكَ..

وأيّاكَ!

ثُمَّ إيّاكَ!

إيّاكَ أن تَعشَقها!

فَإن فعلتَ!

تَخسَر..

وَأخيرَاً، وَحينَما يُسلبُ الإدراكُ مِنكَ.

وتُسلبُ رُوحُكَ قَسراً، لِتُغادرَ أحضَانَ الدُّنيَا، وَتُغادِرَ دِفئ جَسدكَ، حِينها..

وَفقط حِينها..

تُدركُ أنَّكَ لَن تَعودَ الىٰ الجنّةِ أبداً.

______

2024/04/24 · 8 مشاهدة · 199 كلمة
أدلَمُ.
نادي الروايات - 2024